أضحى ”النجاح“ في كرة القدم، في العشرية الأخيرة، مصطلحا يقترن بعوامل عدة، تجاوزت عامل الأداء الرياضي فقط.
حيث أصبحت قدرة الفريق في تحقيق إيرادات خارج الملعب، خاصة بالنسبة للاندية الأوروبية، تحظى بنفس أهمية النجاح داخله.
وتعد ”حقوق تسمية الملعب“، إحدى الوسائل التي اطلعت بها الأندية مؤخرا بهدف تحقيق إرادات خارج المداخيل التقليدية (حقوق البث، إعلانات، بطائق الاشتراك، عائدات بيع اللاعبيين…)، وهي بالأساس صفقة تجارية تدفع فيها الشركات العالمية مبالغ كبيرة لتكون أسماؤها مرتبطة بملعب نادي معين.
ورغم ما يمكن أن تضخ هذه الاتفاقيات من ملايين الدولارات في خزينة النادي، مما يوفر دخلاً إضافيًا يكمل المداخيل التقليدية السالفة الذكر، تفضل العديد من الأندية عدم اتباع الهاجس المادي، متمسكة بالحمولة والقيمة التاريخية للتسمية الأصلية لملاعبها.
جاذبية حقوق تسمية الملاعب
يمكن ذكر المكانة، الهيبة، التأثير، التفاعل مع الجمهور، كبعض من المزايا المستهدفة من حقوق تسمية الملاعب، سواء بالنسبة للنادي أو المستشهر.
عندما يُعاد تسمية الملعب، يحصل الراعي على اعتراف أكبر بعلامته من خلال البث التلفزيوني وتغطية وسائل الإعلام. وقد استغلت أندية مثل مانشستر سيتي، وأرسنال، وبرشلونة هذه الفرصة لتحقيق إيرادات كبيرة.
فعلى سبيل المثال، يرتبط “استاد الاتحاد” لمانشستر سيتي بشراكة مع طيران الاتحاد، بينما يُعرف ملعب أرسنال باسم “استاد الإمارات“. مؤخرًا، أبرم برشلونة صفقة بقيمة 20 مليون يورو سنويًا مع “سبوتيفاي“، مع إعادة تسمية “كامب نو” إلى “سبوتيفاي كامب نو“، مما يجعله الأكثر ربحية في أوروبا..
من هم المشاركون حتى الآن؟
تشير دراسة إلى أن الأندية الكبرى في أوروبا يمكن أن تجني ما يصل إلى 303 مليون يورو سنويًا من خلال حقوق التسمية. على رأس هذه الأندية، تأتي استادات مثل سانتياجو برنابيو لريال مدريد، الذي يُقدّر قيمته ب29.7 مليون يورو، ثم الكامب نو معقل نادي برشلونة ب20 مليون يورو.
التقاليد مقابل الدخل
رغم الفوائد المالية، فإن قرار بيع حقوق التسمية غالبًا ما يتعارض مع التقاليد الراسخة لبعض الأندية. كمثال على ذلك، ملعب أولد ترافورد، لمانشيستر يونايتد، وسانتياغو بيرنابيو، التي تعد معالم ثقافية أكثر منها كملاعب كرة قدم، كما الشأن بالنسبة لملعب هايبوري، المعقل التاريخي لآرسنال. حيث واجه النادي اللندني انتقادات واسعة من جماهيره، بعد انتقاله إلي ملعب الإمارات.
قوة رؤية العلامة التجارية
تمتد أهمية رعاية الملاعب إلى ما هو أبعد من المباريات، حيث توفر رؤية مستمرة على مدار العام، وجاذبية أكثر.
مثال على ذلك هو صفقة أليانز مع بايرن ميونيخ ويوفنتوس، مما يعزز ارتباط العلامة التجارية بالأداء المتميز.
سوق متزايد
رغم شغف أوروبا بكرة القدم، فإنها لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة في عائدات رعاية الاستادات، حيث يمكن أن تتجاوز الصفقات الفردية 700 مليون دولار سنويًا. ومع ذلك، يتطور السوق الأوروبي بسرعة، حيث يزداد الضغط المالي على الأندية لتحقيق إيرادات مستقرة.
مستقبل حقوق تسمية الملاعب
تشير المعطيات الحالية إلى إقبال حذر من طرف الأندية، مما يؤشر إلى توازن دقيق حتى في المستقبل القريب..
ستواصل الأندية في التطلع إلى حقوق التسمية وقياس مدى توافق جماهيرها مع خطواتها في هذا المسار.
ومع ذلك، قد تقاوم الملاعب التاريخية التغيير الكامل في التسمية، مفضلة نماذج هجينة، وستستمر المعركة بين الربح التجاري والتراث الثقافي، رغم وجود ملايين اليوروهات في الميزان.
